A+ A-
ماذا يحدث في سوريا؟ حلم الحرية وكابوس الاحتلال

2024-12-15

ماذا يحدث في سوريا؟
وبناء على الدراسات التي أجريت والأدلة المتوفرة حول التحركات في المنطقة، يمكن القول إن الجبهة الصهيونية سيكون لها خطط في العراق وإيران أيضا. ولكن النقطة المهمة هنا هي أن ظروفهما مختلفة عن ظروف سوريا؛ نحن في سوريا نشهد استسلامًا تامًا يمكن التأمل فيه.
لا يوجد أكثر من تحليلين محتملين لذلك:
-    كان بشار الأسد مضطراً لمواجهة الأمور بمفرده، حيث تخلى عنه الجيش والمسؤولون الحكوميون، أو أن السيد الأسد لم يتمكن من السيطرة على الظروف، مما أدى إلى الاستسلام.
المسألة المهمة هي أن في العراق تعيش العديد من  المجموعات السنیة والأکراد يشاركون في إدارة البلاد، ولا توجد دكتاتورية كما في زمن صدام، ويجب القول لدی الجماعات والأحزاب السياسية الشعور بالرضا الجید عن الحكومة.
الفرق الآخر هو أننا في سوريا لا توجد قوات تسمى مقاومة الحشد الشعبي، والتي أصبحت جزءاً من جيش ذلك البلد. (كانت هناك قوات الدفاع الوطنی أنشئت خلال فترة داعش، لكن الجيش السوري قام بحلها). لذا، ستواجه أمريكا وإسرائيل صعوبة في تطبيق هذا النموذج في العراق وإيران. من ناحية أخرى، وفقًا لآخر الأخبار فإن النظام الصهيوني يقوم بشدة بقصف وتدمير البنية التحتية في سوريا. ربما يمكن تصنيف أسباب ذلك على النحو التالي:
1.يجب أن نتذكر أن إسرائيل لطالما كانت تتطلع إلى تنفيذ  إسرائيل المزعومه من الفرات إلى النيل على اساس انها إسرائيل الكبرى؛ أن هذه التوسعات جزء من ذلك. لقد كانت دائمًا تتصرف بهذه الطريقة، حيث تتبنى ردود فعل هجومية وروحًا توسعية تجاه أي شيء يعترض طريقها. منذ البداية، حققت أهدافها باستخدام استراتيجية المطرقة أی القوة والاحتلال، ولهذا السبب تختار دائمًا نفس الأسلوب. لذا، كلما استطاعت، ستواصل التقدم في سوريا، وتركز جميع جهودها على تعزيز أوراقها الرابحة للمفاوضات المستقبلية من أجل الحفاظ على مرتفعات الجولان بالكامل لنفسها.
2. لا ننسى أن إسرائيل تسعى  الدائم لضمان التفوق العسكري على المحيط العربي والإسلامي حولها. وهي استراتيجية لا ينبغي أن يكون فيها جيش قوي حول إسرائيل، ولهذا السبب سعت دائما إلى تدمير الجيوش العربية. الآن فرصة لتدمير جيش آخر من هذه الجيوش العظيمة. ومن بين الدول العربية، كان الجيش السوري وحده هو الجيش القوي؛ (الأردن الذي لا يملك جيشاً تقريباً، السعودية ليس لديها جيش مستقل بالمعنى الحقيقي وهي تحت السيطرة الكاملة للأميركيين، و يعتبر الجيش اللبناني أيضا واحدا من أضعف الجيوش) كانت القوات البرية والجوية والدفاعية للجيش السوري قوية جداً، فضلاً عن الصواريخ القادرة على جذب الانتباه ويجب القول لدی سوریا الأسلحة الكيميائية التي كانت بحوزته؛ أعلنت إسرائيل أن هدفها هو قصف المناطق العسكرية لتدمير البنية التحتية، لكن في الواقع، النتيجة هي أن أي حكومة تصل إلى السلطة في سوريا لن تكون قوية عسكرياً لمدة العشرين عاماً القادمة على الأقل.
3. نقطة أخرى هي مع تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي سيطرت عليها مخاوف تتعلق بغياب العُمق الإستراتيجي ومحدودية القوى البشرية، فرسم منظروا "عقیدة المحیط"، وفي مقدمتهم بن غوريون، إستراتيجية تضمن تفوق إسرائيل على جيرانها عبر دعم قوة عظمى؛ التحالف الإقليمي ضد العرب (عقيدة المحیط)؛ عبر بناء امتلاك أسلحة استراتيجية متفوقة؛ الریادة في العلوم والتكنولوجيا؛ والتفوق العسكري والاقتصادي في المنطقة، بالإضافة إلى المرونة القصوى للشعب، كلها تؤدي إلى تدمير إحدى القوى العسكرية في الشرق الأوسط، و السبب وراء هذا الحجم الكبير من الهجمات هو هذا النوع من النظرة.
4. من جهة أخرى، لطالما كانت الولايات المتحدة تسعى إلى التجزئة. يجب وضع هذا المشروع جنبًا إلى جنب مع مشروع الشرق الأوسط الجديد، وستلاحظ أنه يتماشى تمامًا. کانه يجري تنفيذ خطة برنارد لويس (تحويل الشرق الأوسط إلى 150 منطقة تسيطر عليها العشائر والأعراق، حيث سيحصل حتى الأكراد على بعض المناطق لأنفسهم و لن تتمتع أي دولة بالسلطة). سوف يتم تنفيذها أيضاً. نفس الخطة التي تم تنفيذها لليبيا والسودان؛ وفي سوريا يقع هذا الدور على عاتق السعودية وقطر اللتين دفعتا أموالا طائلة لهيئة تحرير الشام.
في النهاية، يجب الإشارة إلى أن أهم حدث هو أن هو أن قوة الردع لدى المقاومة قد تضررت. يجب على إيران، بأي طريقة كانت (سواء كانت صعبة أو ناعمة)، تعزيز هذا الردع. لدينا رؤيتان رئيسيتان في المنطقة: واحدة كنظرية جبهة المقاومة، والأخرى جبهة العدو الصهيوني.
النقطة الأساسية هي أن العديد من اللاعبين الإقليميين، حتى روسيا، في اللحظات الحرجة وعند اتخاذ القرارات الحيوية، يختارون الجبهة الصهيونية. والسبب في ذلك هو أن خطاب المقاومة واضح جدًا، وهو السعي إلى القضاء التام على وجود إسرائيل، والعديد من الدول لا تقبل بذلك بسبب التكاليف العالية.
من ناحية أخرى، يجب تنفيذ عملية "الوعد الصادق 3" ضد إسرائيل. عندما رأت إسرائيل أن الصواريخ الإيرانية تتخلى عن كل دفاعاتها، قامت على الفور بشراء نظام "ثاد" THAAD المضاد للصواريخ من الولايات المتحدة. لذلك، يجب علينا ترقية أنظمتنا الهجومية والدفاعية إلى معدات متفوقة، وكلما تأخرت هذه العملية، كلما قمنا بتجهيز كلا الجزأين حتى نتمكن من الرد بثقة أكبر. بالطبع، يجب أيضًا مراعاة لظروف المنطقة في وقت الهجوم.
والكلمة الأخيرة هي أنه لا يمكن توقع أكثر من کشف عن سيناريوهين محتملين حول سوریا:
1.    إثارة الخلافات الداخلية
2.    تقسیم سوریا
إذا تمكنت المجموعات من اتخاذ إجراءات فعالة والوصول إلى توازن،فمن الممكن إنشاء نظام فيدرالي. (كما كان فترة بشار الأسد). لكن هذا الامر يبدو مستبعدًا للغاية. لأن تركيا لن تجلس مكتوفة الأيدي في هذه الخطة؛ حيث ستنشط الفجوة الكردية في تركيا، مما ستؤدي إلى مشاكل جديدة لتركيا.
وفي الحالة الثانية سنرى ظلاماً دامساً في سوريا، حيث سيعلن كل يوم شخص عن نفسه كرئيس للحكومة، و في اليوم التالي سيحل محله شخص آخروستستمر هذه الدائرة المفرغة لفترة طويلة.